​​​​​​​ما علاقة تركيا بمخيم الهول؟

ذكر هجوم الاحتلال التركي، يوم الأمس، على مخيم الهول، بالمخططات والهجمات التي طالما سعت على تنفيذها عبر المرتزقة وخلاياها النائمة.

تستهدف دولة الاحتلال التركي في الهجمات التي تشنّها على مناطق شمال وشرق سوريا منذ ليلة 19 - ٢٠ من شهر تشرين الثاني الجاري، المخيم الذي يضمّ أسر مرتزقة داعش وخلاياه النائمة. فقد قصف الاحتلال التركي يوم أمس (23 تشرين الثاني الجاري) مخيم الهول الذي يقطن فيه الآلاف من أسر مرتزقة داعش. ما أسفر عن فرار مجموعة من المرتزقة من المخيم.

وأعاد هذا الهجوم إلى الذاكرة تقييمات ونقاشات كـ "تسعى تركيا إلى جمع جميع المرتزقة تحت لواءٍ واحد والهجوم على مناطق شمال وشرق سوريا. ولهذا تنشر المرتزقة من عفرين إلى سري كانيه في مسعى لاحتلال المنطقة بأسرها".

الهجمات التي شُنّت على مخيم عين عيسى وسجن الصناعة

شنّ جيش الاحتلال التركي في 13 تشرين الأول عام 2019 هجوماً بالأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية على محيط مخيم عين عيسى. وقام مرتزقة داعش داخل المخيم بإضرام النار في الخيم وهرب المئات منهم إلى منطقتي كري سبي وسري كانيه.

كما تعرّض سجن الصناعة في مدينة الحسكة والذي يُعتقل فيه مرتزقة داعش في الـ 20 من شهر كانون الثاني المنصرم لهجومٍ واسع وشهد محاولةً لتهريب المرتزقة. لكنّ القوات الأمنية في المنطقة أحبطت هذه المحاولات.

وقد انكشفت بعض مخططات المرتزقة والدولة التركية في هجوم سجن الصناعة. وبحسب هذه المخططات؛ كان سيتم فتح ثلاثة ممرات. الممر الأول هو الوصول من المناطق المحتلة إلى سجن الصناعة عبر خط جبل كزوان ثمّ التوجّه من هناك إلى مخيم الهول والوصول إلى تل كوجر. والثاني، كان الوصول من الحدود العراقية وبالتحديد من شرق دير الزور إلى تل كوجر، أمّا الممر الثالث فقد كان عبر البادية السورية إذ حاول العديد من خلايا داعش النائمة عبور نهر الفرات.

استقدام "هيئة تحرير الشام" إلى عفرين

في شهر تشرين الأول المنصرم، تمّ استقدام مجموعات المرتزقة المدعوّة بـ"هيئة تحرير الشام" إلى منطقة عفرين. ثمّ نشروهم لاحقاً في الباب، إعزاز، جرابلس، سري كانيه وكري سبي. وفي التقييمات التي أجراها المراقبون حول هذا الموضوع؛ تمّت الإشارة إلى أنّ جميع هذه المناطق المحتلة من قبل الاحتلال التركي لذا فإنّ "هيئة تحرير الشام" لا تستطيع الوصول إلى تلك المناطق والتمركز فيها بدون إذنهم. كما ذُكر أنّ مجموعات المرتزقة التابعة لتركيا منقسمة جدّاً وتخرج عن سيطرتها ولهذا لا تتمكّن تركيا من تنفيذ مخططها المتعلّق باحتلال مناطق شمال وشرق سوريا. لذا فهي تسعى إلى جمعهم جميعاً تحت لواء واحد عبر "هيئة تحرير الشام" ومن ثمّ الهجوم على مناطق شمال وشرق سوريا.

اجتماع زعماء المرتزقة في ديلوك

اللافت أنّ الاستخبارات التركية قامت بعد تمركز "هيئة تحرير الشام" في هذه المناطق، بعقد اجتماعٍ مع جميع زعماء مجموعات المرتزقة في مدينة ديلوك وطالبتهم بالتوحّد تحت لواء جيشٍ واحد.

من جهةٍ أخرى؛ تبيّن أنّه بالإضافة إلى المجموعات التي تدعمها تركيا علناً تقوم أيضاً بتنظيم مرتزقة داعش. وقد انكشف هذا من خلال اعترافات مرتزقَين من مرتزقة داعش كانا قد خضعا للتحقيق من قبل قوى الأمن الداخلي في شمال وشرق سوريا.

فقبل عدّة أيام ألقت القوات الأمنية القبض على اثنين من مرتزقة داعش في منطقة الشدادي في الحسكة. وبحسب مصادر القوات الأمنية؛ فإنّ المرتزقان كانا يقومان بتأمين المواد اللوجستية والأسلحة لمرتزقة داعش.

وكشف المرتزقان أنّ العديد من مرتزقة داعش هم الآن مسؤولون في المجموعات المرتزقة التابعة لدولة الاحتلال التركي في المناطق المحتلة. وقال كلا المرتزقان في إفاداتهما إنّ العديد من مرتزقة داعش هم الآن يتزعمون مجموعات المرتزقة الموجودة في المناطق المحتلّة. وإنّ العديد منهم الآن موجودون في تركيا وأنّهم أمروا خلايا داعش النائمة في مناطق شمال وشرق سوريا بالاستعداد عندما يُشنّ أي هجومٍ بري من قبل تركيا. وتنفيذ المخططات المتعلقة بمخيم الهول والسجون التي يُعتقل فيها مرتزقة داعش على وجه الخصوص.

بالربط بين هذه التطورات والقصف الذي تعرّض له مخيم الهول يوم أمس الأربعاء يتّضح الوضع بشكلٍ أفضل.

لماذا مخيم الهول؟

يقع مخيم الهول جنوب بلدة الهول في مقاطعة الحسكة بالقرب من الحدود السوريّة العراقيّة. وعلى بعد 45 كم شرق مدينة الحسكة. تأسس من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 1991. واُستخدم للاجئين العراقيين خلال حرب الخليج. وفي نهاية عام 2015 تولت وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية مهمة حماية المخيم.

وعندما أنهت قوات سوريا الديمقراطية الوجود الجغرافي لمرتزقة داعش في الباغوز، انتقل عشرات الآلاف من المرتزقة إلى هذا المخيم مع أسرهم. وقد واصل هؤلاء المرتزقة ارتكاب جرائم القتل والتعذيب داخل المخيم، لذا اُعتبر المخيم واحداً من أخطر المخيمات في العالم.

ويقطن مخيم الهول الذي يتألف من ٩ قطاعات رئيسة؛ أكثر من 54 ألفاً و390 شخصاً ينحدرون من 52 دولة حول العالم (نازحون سوريون، لاجئون عراقيون، أطفال وزوجات مرتزقة داعش).

وبالإضافة إلى ارتكاب المرتزقة لجرائم القتل داخل المخيم فهم يحاولون أيضاً إعادة تنظيم أنفسهم من جديد والتواصل مع المرتزقة خارج المخيم. وفي هذا السياق؛ شهد المخيم محاولاتٍ عديدة لفرار المرتزقة منه. لذا نفّذت قوى الأمن الداخلي بمساندة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة حملتين أمنيتين داخل المخيم إحداهما بتاريخ الرابع من نيسان عام 2021 والآخر بتاريخ 25 من آب المنصرم.

وقد كشفت هاتان العمليتان العلاقات بين دولة الاحتلال التركي وخلايا داعش النائمة. وأسفرت عن العثور على العديد من الخنادق وردمها واعتقال عددٍ من متزعّمي داعش بالإضافة إلى ضبط العديد من الذخائر والمعدات العسكرية. واللافت أكثر من كل ذلك، أنّه تمّ أيضاً العثور على أعلامٍ تركية وبدلات عسكرية تركية بحوزة المرتزقة.

واللافت أكثر، أنّ جيش الاحتلال التركي قد قام خلال تنفيذ الحملة في مخيم الهول بتصعيد هجماته على شمال وشرق سوريا.

 

المصدر: وكالة هاوار للأنباء