فارتو: معركة إدلب تقرر مصير الوجود التركي في سوريا وتناقضاتها تتيح فرصة تحرير عفرين

أكدّ عضو اللجنة العلاقات الخارجية لمنظومة المجتمع الكردستاني، سرحد فارتو، أن معركة إدلب سترسم ملامح الأزمة السورية، لأنه بإسقاط إدلب وتحريرها من التنظيمات الإرهابية، سوف تفقد تركيا تأثيرها في سوريا وستخرج من كونها اللاعب الرئيسي المؤثر في الأحداث السورية.

أكدّ عضو اللجنة العلاقات الخارجية لمنظومة المجتمع الكردستاني، سرحد فارتو، أن معركة إدلب سترسم ملامح الأزمة السورية، لأنه بإسقاط إدلب وتحريرها من التنظيمات الإرهابية، سوف تفقد تركيا تأثيرها في سوريا وستخرج من كونها اللاعب الرئيسي المؤثر في الأحداث السورية. ومن جانب آخر فالمعارضة السورية التي اعتادت تركيا على إشراكها في الاجتماعات جنيف و لآستانة والمنصات المنعقدة حول الأزمة السورية، ستفقد دور الموكل لها. في نهاية المطاف لن تبقى سوى قوتان أساسياتان في الميدان السوري، ألا وهما النظام السوري و القوى المتواجدة في شمال سوريا.

وقال "فارتو"، في حوار خاص لوكالة فرات للأنباء ANF ، بشأن المجريات الأخيرة في سوريا والعراق، إن روسيا و إيران يهدفان إلى احتواء الدور التركي في سوريا، وإن نجحت هاتان قوتان في ذلك، و باءت السياسة التركية بالفشل في إدلب، فإن ذلك سينعكس إيجابا على الوضع الحالي في عفرين وستمنح القوى الكردية، فرصة تحرير عفرين من براثن الاحتلال التركي. فإلى جزء الأول، حول المشهد السوري و تطوراته الأخيرة، من نص الحوار.

كيف تقيمون هجمات النظام السوري الأخيرة على قامشلو وهل هي عمل مركزي مدبر؟

يتضح من التصريحات، التي أدلت بها القوات الأمنية في شمال سوريا، أن النظام السوري، يريد من وراء أعماله و أفعاله الاستفزازية، أن يفرض سلطته، دون اللجوء إلى حل المشاكل العالقة أو عقد أية مصالحة ما بين الطرفين. يبدو أن بإلقائه القبض على بعض الشبيبة في وسط قامشلو، ما زال يفكر أن سوريا بكافة أجزاءها و مناطقها تقع تحت سيادته و إداراته. وأنه لديه الصلاحية الكاملة بأن يفعل ما يحلو له في أي مكان. ومن ناحية أخرى أراد النظام السوري من هجماته الأخيرة ،أن يعلم  ماذا سيحدث إثر قيامه بهذه الأفعال. لكن لا بد من القول، أن هذه الذهنية ستعمق المشاكل أكثر دون أن تجد لها حلا يذكر.ينبغي على النظام السوري أن يعلم جيدا،أن سوريا مرت بمرحلة عصيبة، لفترة لا تقل عن ثماني سنوات من الحرب و الدمار،لذا من الغير الممكن أن يقبل الشعب السوري، بسوريا على شكلها و ذهنيتها السابقة، أي سوريا ما قبل (2011 ) ناهيكم عن كل شيء، فلا يسمح  ، هذا أمر غير مقبول به قطعيا. و الأمر الأخر و الأهم فالقوة التي عملت على زعزعة السلام و نشرت الخراب في سوريا ، ليست بالقوات شمال سوريا. فالقوة التي وجهت بسوريا إلى ما هي عليه الآن ،هي الدولة التركية.من هذا المنطلق إن كانت النظام السوري، يهدف إلى جلب الاستقرار و السلام في سوريا ،ينبغي أن تضع حدا للاحتلال التركي في سوريا ، ومن ناحية أخرى أن تعقد مصالحة مع المعارضة السورية و على رأسهم قوى شمال سوريا،هذه الطريقة هي الأكثر صحية و فاعلية لحل الأزمة.

من جهة أخرى، فإننا لا نعلم حيثيات هذه الهجمات أو إن كان هذا العمل مدبر ومنظم من الحكومة المركزية أم لا ، الأمر الذي نعلمه علم اليقين،أن القوة التي تريد السلام و الأمان لسوريا ، ينبغي ألا تخطو صوب محاولات و تصرفات الاستفزازية غير عقلانية ، لأنها في نهاية المطاف،تهدف إلى المشاكل فقط لا أكثر. إن نشب أي صراع  ما بين قوة شمال سوريا و الحكومة المركزية، هذا الأمر يعني أن تحدث حرب أكبر في سوريا،حرب لم تحدث من ذي قبل.من جهة، هذه التصرفات الاستفزازية ، الهدف منها إحراج مرحلة  المفاوضات و اللقاءات التي تم بدئها ما بين الحكومة السورية المركزية و القوى شمال سوريا، و تقديم خدمة مجانية لمن لا يريد الخير لسوريا و شعبها. ومن جهة أخرى، فإنها لا تخدم مصالح أصدقاء سوريا و إنما تخدم مصالح الدول المحتلة و التي تهدف إلى خراب سوريا.

هل سيدفع استمرار النظام السوري بالنزوع للأساليب العسكرية، إدارة شمال سوريا إلى المطالبة بالانفصال عن الحكومة السورية المركزية ؟

ربما، لجوء النظام السوري إلى إتباع الذهنية العسكري ، و ربما أن تكون لها نية في استخدام الحرب ضد شمال سوريا، لكن كما قلت ، الأساليب العسكرية و محاولة زعزعة الأمن في شمال سوريا، ستعمق من الأزمة السورية وليست في صالح السوريين. من جهة أخرى ،ناهيكم عن الرفض القطعي  لشمال السوري و إدارته، لمثل هذه المواقف، هناك توازن دولي ليس من السهل التجرؤ على التلاعب به. في المحصلة إن استمر النظام على هذه المقاربات ، فإنه سيقف حجر عثرة أمام دمقرطة سوريا، كما أن هذه المقاربات سوف تزعزع وحدة سوريا ومصالحها الإستراتيجية، بالإضافة إلى أنها من جهة أخرى، سوف تضر بوجود النظام السوري نفسه.

وماذا عن الأسد؟ في الحقيقة على الرغم من أنه لم يعد للأسد أهمية في مستقبل سوريا، إلا أن أغلبية القوى الفاعلة في المشهد السوري بحاجة إلى وجوده؟

القوى الحاكمة و المسيطرة على المشهد السوري، هي روسيا و إيران وغيرها من الدول، مدى قوة الأسد وإدارته التي تمكنه من السيطرة على الوضع السائد موضوع آخر. الأمر المفيد والذي سيخدم النظام السوري، هو السعي لحل المشاكل السورية الداخلية، لأنه تراكمها وإهمالها دون أن تجد مسار حل جذري للأزمة الحالية، يفتح الأبواب أمام أطماع الدول الخارجية وانقسام سوريا. من هذا المنطلق إن كان من يعمل ضمن جهاز الإداري للنظام السوري ،يحمل في جوهره ولو ذرة من المشاعر الوطنية، عليه أن يسعى بكل قوته من أجل حل الأزمة السورية بالطرق السلمية والحوار السوري - السوري. إن لم تجد حلا لهذه الأزمة ، من غير الممكن أن تخرج أية قوة من سوريا و سوف لن تتخلى ولو للحظة عن خلق الفوضى في الأرجاء السورية ، فالدول الخارجية بين الحين و الأخر تعمق من حدة الأزمة السورية و أحيانا تخففها نظرا لما يخدم أجندتها و سياساتها في المنطقة، لذا ينبغي على النظام السوري أن تحل مشاكلها مع شمال سوريا وإداراتها بشكل ديمقراطي.      

 كيف تابعتم القمة الثلاثية الأخيرة في طهران بين ضامني الأستانة الثلاث بشأن إدلب؟

في ظل الحراك المتناقض ما بين ضامني الأستانة، تمثل إدلب المشكلة  الأكثر أهمية في سوريا، نظرا لكونها إحدى المقرات والمعاقل الأخيرة للتنظيمات و المجموعات المرتزقة في سوريا.

حسب رأي معركة إدلب، سترسم ملامح سوريا المستقبل. مشكلة إدلب لن تنحل إلا عن طريق القوة العسكرية، إن لاحظتم، تركيا أرادت باتفاقها مع روسيا وإيران، ضرب المكتسبات الكردية من جانب، ومن جانب آخر سعت بكل قوتها لتكون لاعبا مؤثرا في مجريات الساحة السورية، لكن بالإمكان القول بأن النقطة التي وصلت إليها تركيا، منذ انخراطها في الأزمة السورية حتى يومنا الراهن، إنها لم تستطع إحراز النصر، حتى بإمكاننا القول أن السحر سينقلب على تركيا بسبب سياستها الخاطئة في سوريا. فالوضع في إدلب، معقد جدا ومن الصعوبة إيجاد حل جذري ، فالمشكلة سوف لن تنحل دون لجوء إلى الحرب و الأساليب العسكرية      

من الواضح أن أهداف ومطالب ضامني الأستانة ، لن تصل إلى نقطة توافق في إدلب، ولكن هذا لا يعني أن روسيا و تركيا و إيران لن يتمكنوا من الوصول إلى تفاهمات معينة. كل طرف سيتعاون مع الآخر ولكن إلى أي درجة سيصل هذا التفاهم والتنازلات لبعضها البعض، أمر سابق لأوانه. روسيا تسعى جاهدة من خلال محاولاتها ولقاءاتها  إلى إحكام قبضة النظام وبسط نفوذه على كافة الأراضي السورية خارج منطقة شرقي الفرات.

من ناحية أخرى روسيا لا تريد لتركيا أن تخسر المزيد في سوريا، و ذلك لأنها على اتفاق متعدد الجوانب مع تركيا ولا سيما الاتفاقات التي جمعتها بتركيا في منصات الأستانة ،و التي تضمنت اتفاقات تجارية و اقتصادية وسياسة. إضافة إلى ذلك، ستحاول روسيا المحافظة على العلاقة المتوترة التي تجمع تركيا مع حلفائها في حلف الأطلسي، خلاصة القول، أن  روسيا  تهدف إلى تأييد النظام في مشاريعه السلطوية من ناحية، ومن ناحية أخرى ستتجنب إحداث شرخ في علاقاتها مع تركيا. في كلا الحالتين أظن أن روسيا ستواجه صعوبة في تمرير سياستها هذه كونها معقدة، ناهيك عن أن إيران بدورها تحاول أن تحافظ على علاقتها مع تركيا حاليا، و ذلك بالتزامن مع سعيها محاولاتها لتحجيم الدور التركي في سوريا. كي لا تتحول تركيا إلى  جزء من العزلة و الحصار الأمريكي التي تفرضه على إيران، ستسعى طهران إلى  أن تكون على علاقتها جيدة مع تركيا. والجانب التركي، سيعمل جاهدا لتعزيز وجوده في إدلب و جرابلس و الباب وعفرين، ومن ناحية أخرى، سيريد أن يستمر في علاقاته مع روسيا و إيران و النظام السوري وهذا الأمر صعب للغاية، لذا من الغير الممكن أن يستطيع ثلاثي الأستانة الاستمرار بسياساتهم المتضاربة هذه، لذا أعتقد أن بعض الأطراف ستخسر في بعض النقاط ،في وضع معقد كهذا.

معركة إدلب تشكل محطة إستراتيجية، على وجه الخصوص بالنسبة لنظام وروسيا. ومن المؤكد أن، نظام الأسد وروسيا ، لن يسمحوا بتقديم التنازلات لتركيا في هذا الملف ،وذلك لأن إدلب تلعب دور الحامي والدرع الأمن لمحافظة حلب، هناك بعض الأطراف التي تشكل خطرا على حلب بوجودهم ولا سيما، المجموعات المرتزقة المتواجدة في إدلب و الباب و عفرين هي من  تهدد وجود حلب ، حسب اعتقادي، إن سقطت حلب، فستسقط دمشق ،لذا إن أرادت روسيا وإيران و النظام الأسد أن ينتصروا في الحرب السورية، عليهم أن يحرروا إدلب من هذه المجموعات وبسط نفوذهم على إدلب ،إن لاحظت، فالاتفاق الثلاثي  يمر الآن في مرحلة عصيبة ولا يستطيع ثلاثي الضامن لأستانة، دفعه إلى الأمام ، من جهة أخرى، تركيا ما زالت تصر على المطالبة بمنطقة عازلة تمتد من إدلب إلى جرابلس وهذا أمر من مستحيل قبوله ،لأن هذه المنطقة تشمل خلايا القاعدة وجبهة النصرة المصنفة ضمن لائحة الإرهاب ومن الغير الممكن منح الشرعية لهذه القوى الإرهابية. من هذا المنطلق، من المؤكد أن الحرب ستدور رحاها في إدلب.

هل ستُجبر تركيا على الدخول في عملية إدلب المحتملة من وجهة نظركم؟

بلا شك، انخراط تركيا في هذه الحرب أو عدم انخراطها أمر هام للغاية ،إن دخلت في هذه الحرب ، فالمعركة ستكون صعبة، روسيا و إيران و النظام الأسد، يمثلون أطراف الحرب الرئيسية، وهؤلاء يشكلون دول ذات سيادة، فهذا مؤشر هام على أن ضبط الحرب و نتائجها سيكون من الصعب التنبأ بها ، إن لم تنخرط تركيا في المعركة. هدف إيران و روسيا المحوري يكمن في دحر هيئة تحرير الشام أولا، وحسب رأي ستتجنب روسيا والنظام الدخول في تناقضات مع تركيا في هذه المرحلة  ولا سيما حول تموضع الجيش الحر والوضع في عفرين. حال انتهاء نظام الأسد و روسيا من تحرير الشام، ستزول التناقضات من جديد مع تركيا في عفرين و جرابلس و الباب. إن خسرت تركيا وجودها عبر أذرعها الإرهابية  في إدلب، سوف لن يبقى لتركيا دور جدي في سوريا.

هل تعتبر معركة إدلب مصيرية بالنسبة لتركيا؟

بلا شك ،معركة إدلب ستكون معركة حاسمة و الأخيرة في سوريا، النتائج التي ستنجم عن معركة إدلب، ستوضح مستقبل سوريا ،لأنه بالسيطرة على إدلب وتحريرها من التنظيمات المصنفة ضمن لائحة الإرهاب، سوف تفقد تركيا تأثيرها في سوريا وستخرج من كونها اللاعب الرئيسي المؤثر في الأحداث السورية . ومن جانب أخر فالمعارضة السورية التي اعتادت على المشاركة في الاجتماعات جنيف والأستانة و المنصات المنعقدة حول الأزمة السورية، ستفقد دور الموكل لها. في نهاية المطاف سوف لن يبقى سوى قوتان أساسياتان في الميدان السوري، ألا وهما النظام السوري و القوى المتواجدة في شمال سوريا . أعتقد أن حل الأزمة السورية ومشاكلها العالقة ستتوضح بعد معركة إدلب.

هل تشكل إدلب معضلة إنسانية أم سياسة ؟

بلا شك في هذه الحرب ،جميع القوى، تتحدث عن الأزمات الإنسانية ،و تتباكى على الوضع الإنساني، وذلك فقط حين، تخدم هذه السياسة والعبارات الرنانة مصالحهم الضيقة، وحين لا تخدم مصالحهم و أجندتهم، عندئذ نشهد صمتاً قاتلاً، وهذه الصورة ظهرت بشكل بارز في الهجمات التركية على عفرين. الآن تركيا تحذر من الكوارث الإنسانية و إزهاق أرواح المدنيين، في حال وقوع الحرب في إدلب. إن لاحظتم عندما شنت تركيا بهجماتها على عفرين ،كانت عفرين إحدى المناطق السورية الأكثر أمانا وسلاما، بالرغم من أن عفرين فتحت أبوابها لقرابة 800000 من المهاجرين من مختلف المدن السورية ، افتعلت تركيا الكوارث الإنسانية في عفرين واستهدفت الملاذ الأمن في سورية، بهجماتها الوحشية ،والقوى الدولية بدورها، التزمت الصمت حيال الاحتلال التركي لعفرين و ممارساتها المعادية لإنسانية. في يومنا الراهن ،عندما يتحدثون عن عفرين، فالمسألة سياسية بحتة. عفرين صفقة القرن القذرة ما بين أمريكا وروسيا، وهذا خطأ تاريخي ارتكبته هذه القوى بحق هذا الملاذ الأمن.

إن حصل أي اتفاق من الغير المستغرب، أن تغض أمريكا نظرها ،في حال انخراط تركيا في معركة إدلب، من هذا المنطلق فالتقارب الأمريكي سياسي وليس بإنساني، و هذه حقيقة القوى الدولية. في إدلب السياسة الأمريكية مرتبطة بوضع تركيا ووجودها، ربما تقوم أمريكا بدعم  تركيا من جهة، و من جهة أخرى، البدء بمرحلة جديدة في سوريا ، وهذا ليس مستبعدا. من المؤكد، في حال وقوع الحرب في إدلب، ستريد أمريكا و الدول الأوربية ،استخدام إدلب أداة لتمارس سياستها في سوريا. مجريات عملية إدلب ستحدد طبيعة هذه السياسة. الهدف منها سيكون إما تحجيم نظام الأسد أو خلق نزاع ما بين روسيا وتركيا أو تركيا و إيران، هذه أمور من الصعب تكهنها في ظل هذا الغموض السائد. من هذا المنطلق، عملية إدلب ستكون حاسمة جداً.

فليس غريباً أن تطالب أمريكا من روسيا الاعتراف بالوجود الأمريكي في سوريا بشكل شرعي، أو أن تحصل على تنازلات روسية في ملفات أخرى خارج الإطار و الملف السوري ،مقابل تأييد أمريكي للسياسة الروسية في سوريا، أي يمكن أن تسمح أمريكا لروسيا أن تنفرد في سوريا، مقابل أن تحظى  بالمساندة الروسية لسياسة الأمريكية في ملف أوكرانيا و إيران و غيرها من الملفات . فالمقايضة الروسية الأمريكية ليست محدودة ببعض الأماكن و إنما مرتبطة بالسلطة العالمية و الإقليمية. لذا ينبغي على جميع القوى أن تتخذ الحيطة و الحذر.

هل سيستطيع نظام الأسد إحراز النصر في عملية إدلب؟ 

عندما نتحدث عن النظام الأسد وقوته في معركة إدلب المحتملة ،ليس من المؤكد أن يكون النصر حليفا لها. وذلك لأن النظام لا يملك القوة الكافية التي تمكنه من حسم المعركة لصالحه، فالمجموعات المرتزقة الممولة تركيا كبيرة جدا من حيث العدد، لذا معركة إدلب سوف لن تكون بالسهلة و إنما سيكون لها مخاطرها على الأسد. من جهة أخرى، إن خسر النظام في هذه الحرب، بإمكان هذه الخسارة أن تعيد المعضلة السورية إلى بداياتها بالنسبة لنظام الأسد، إن دعمت تركيا مجموعاتها ،بالتدخل وتدفق المال الأسود والسلاح لمليشياتها و أفرعها المرتزقة ، محاولة منها، لتسجل نصرا على النظام وحلفائها، حينذاك ستتغير معادلة المعركة.

السؤال الذي يطرح نفسه: هل تفكر أمريكا من الآن فصاعدا أن تساند تركيا لتقوم بتضييق الخناق على روسيا و حلفائها من إيران و النظام الأسد للمرة الثانية؟

هذا أمر محتمل، تركيا في بداية الأزمة السورية، كانت صاحبة سياسة في سوريا، وكان لها أهداف واضحة، ولا سيما في بسط نفوذها على دمشق. فقط بعد كسر شوكة داعش في كوباني و تلقيها ضربة قاصمة على أيدي وحدات حماية الشعب، تغيرت المعادلة كلياً وتحولت تركيا من اللاعب رقم واحد في الأزمة السورية إلى مجرد عامل لا معنى له، لا يستطيع حسم الأوضاع وخلط الأوراق وإنما يسير وراء التطورات والخطوات العملية وذلك لأنها لم تؤسس سياسة خاصة بها ، فالأحداث الجارية على الساحة السورية هي من تسحب بتركيا خلفها ، فالوضع التركي في خطر كبير، بالأخص في المشهد السوري، فسياستها القائمة على معاداة الكرد وصلت إلى نقطة انسداد لا مخرج منه، و لا تملك تركيا بديل آخر لذا فالأحداث هي من توجه تركيا تارة شرقا والأخرى غربا . أحيانا توجه بتركيا صوب السياسة الروسية وأحيانا صوب حليفتها في حلف الأطلسي أمريكا. من جهة أخرى، تقوم تركيا بدعم المجموعات المرتزقة و في بعض الأحيان تعلنها على أنها إرهابية، وما تصنيف هيئة تحرير الشام في لائحة الإرهاب في الآونة الأخيرة، خير دليل على ذلك .و هذا ما يوضح لقاصي والداني أن السياسة التركية، سياسة  تبنى على الأحداث اليومية و هذا يشكل خطر كبير من أجل أي قوة .

 ما هي انعكاسات عملية إدلب المتوقعة على عفرين والوجود التركي هناك؟

بلا شك ، الاحتلال التركي منذ بداية هجماته على عفرين ويتلقى مقاومة جدية ،حتى يومنا الراهن على قوات سوريا الديمقراطية. في اعتقادي، التناقضات والخلافات التركية الروسية الإيرانية، ستفسح المجال أمام مقاومة القوى الكردية لدحر الاحتلال التركي ومجموعاته المعادية للبشرية. ربما تحاول تركيا، أن تعزز قواتها في عفرين والباب و تضع ثقلها هناك، فضلا عن إدلب، و القوات الكردية في عفرين ، ترى بشكل واضح هذه الحقيقة ، وستحاول التصدي لهذا التعزيز والاحتلال وستتوعد القوات الكردية المجموعات المرتزقة، بالرد الصارم على ممارساتهم البشعة بحق المدنين العزل. من جهة أخرى، روسيا و إيران يهدفان إلى احتواء الدور التركي في سوريا ، إن نجحت هاتان القوتان في ذلك ، و باءت السياسة التركية بالفشل في إدلب، سينعكس ذلك إيجابا على الوضع الحالي في عفرين و ستمنح القوى الكردية، فرصة تحرير عفرين من براثن الاحتلال التركي.