عالم أمريكي يحذر من توّرط الناتو والدول الغربية في جرائم الابادة التركية بحقّ الكرد

حذر بروفيسور الأنثربولوجيا وأحد مؤسسي حركة "Occupy Wall Street" الأمريكية، ديفيد غرابر، في مقال بصحيفة الجارديان البريطانية، من خطورة إبادة حلفاء الولايات المتحدة الكرد على يد حلف الناتو نفسه وبسلاح أمريكي وأوروبي.

وفي مقال يقدم طرحا مختلفا حول خطورة التهديدات التركية للكرد، قال العالم الأمريكي: "يُنظر إلى تركيا على أنها العدو الوجودي للكرد، لكنها في نفس الوقت تستخدم الدبابات الألمانية والطائرات المروحية البريطانية".. وتابع: "هل تذكرون تلك القوات الكردية المحببة التي دافعت ببطولة عن مدينة كوباني السورية من داعش؟ انهم يواجهون حاليا خطورة القضاء عليهم على يد حلف الناتو".

واشار عالم الأنثروبولوجي الأمريكي ديفيد غرابر إلى أن منطقة روج آفا الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال شرق سوريا ، والتي تشمل كوباني ، تواجه خطر الغزو، حيث يتجمع جيش للناتو على الحدود، ويقوم بتجميع كل قوة النيران الهائلة والمعدات عالية التقنية التي لا يمكن إلا للقوات العسكرية الأكثر تطوراً نشرها، كما يقول القائد العام لتلك القوات إنه يريد إعادة روج آفا إلى "أصحابها الشرعيين" الذين يعتقد أنهم ليسوا كرداً.

وتابع: "في الربيع الماضي، أدلى هذا الزعيم بتصريحات مماثلة حول المنطقة الكردية في أقصى غرب سوريا أي في عفرين. بعد ذلك، قام جيش الناتو ذاته، مستخدماً الدبابات الألمانية وطائرات الهليكوبتر البريطانية، وبدعم من آلاف المتعاونين الإسلاميين المتشددين، بالسيطرة على المنطقة. ووفقا لوكالات الأنباء الكردية، أدى الغزو إلى طرد أكثر من 100 ألف مدنيا كرديا من عفرين بالكامل. وبحسب ما ورد استخدموا الاغتصاب والتعذيب والقتل كوسيلة منهجية للإرهاب. عهد الإرهاب هذا استمر حتى يومنا هذا. وقد أقر آمر وقائد جيش الناتو هذا بأنه ينوي القيام في بقية شمال سوريا بنفس ما فعله مع عفرين.. وأنا أتحدث بالطبع عن الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي هو دكتاتور تركيا الفعال على نحو متزايد. لكن من المهم التأكيد على أن هذه هي قوات الناتو. هذا لا يعني فقط أنها مزودة بأسلحة حديثة. كما يعني أن تلك الأسلحة يتم الاعتماد عليها من قبل أعضاء حلف الناتو الآخرين".

وأعتبر الكاتب أنه بالإضافة لأسلحة الناتو التي تستخدمها تركيا لشن حروب وجرائم الابادة، يقوم أيضا مقاولون من شركات أمريكية وبريطانية وألمانية وإيطالية بفحصها وصيانتها وإصلاح واستبدال وقطع الغيار، حيث أن وجودهم أمر بالغ الأهمية لأن الميزة العسكرية التركية على "وحدات حماية الشعب" في شمال سوريا (YPG) و"وحدات حماية المرأة" (YPJ)، المدافعين عن كوباني التي تعهدت تركيا بتدميرها، تعتمد كليًا على خدمات المقاولون الأوروبيين والغربيين.

وفسر الكاتب اعتماد جيش الاحتلال التركي على الميزة العسكرية التي يوفرها الناتو بالقول: "هذا لأنه، بغض النظر عن ميزته التكنولوجية، فإن الجيش التركي يعاني فوضى، لأن معظم ضباطها وحتى طياروها في السجن منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016، ويديرها الآن قادة يختارهم أردوغان بناء على الولاء السياسي بدلاً من الكفاءة. وعلى النقيض من ذلك، فإن المدافعين عن روج آفا هم من قدامى المحاربين المخضرمين. في معركة عادلة، لن تواجههم مشكلة بعد الآن في صد أي توغل تركي".

و"القتال العادل" يعني في هذه الحالية امكانية وصول الكرد إلى الاسلحة المضادة للدبابات واسلحة الدفاع الجوي، ولكن هذا وعدت ادارة ترامب تركيا بأنها لن تسمح به للكرد، وحتى تلك القوات التي كانت تعمل بشكل مباشر مع القوات الأمريكية والبريطانية لهزيمة داعش لم يكن يسمح لها أبدا بصد الهجمات الجوية التركية أو هجومها المدرع.

وتابع الكاتب: "عادة، يعامل الإعلام الغربي تركيا على أنها نوع من الدول المارقة الغريبة التي وجهت موجات عنف دورية ضد المدنيين الكرد من خلال قصف وتدمير مدن، والتطهير العرقي المعلن من عفرين، والهجمات المستمرة على القرى في العراق، ولكن يجب تحملها خشية أن تكون متماشية مع أعداء آخرين مثل إيران أو روسيا. وبالمثل، يبدو أن النقاد والسياسيين يصرخون وينظرون في الاتجاه المعاكس لأن أردوغان يعتقل أو يسجن عشرات الآلاف من الناس، بمن فيهم المدرسون والصحفيون والبرلمانيون المنتخبون لقولهم أشياء لا يحبها، أو حتى عندما يصرح علناً أنه "لا يمكن لأي أوروبي في أي جزء من العالم أن يمشي بأمان في الشوارع" إذا تحدى أردوغان".. إلا أن الكاتب يرفض هذه الصورة النمطية التي يعطيها الاعلام الغربي عن تركيا... قائلا: " لكن تركيا ليست دولة مارقة.. تركيا هي الناتو"، وجنودها يحرسون الجناح الشرقي لأوروبا، وتتهم قوات الشرطة والأمن التابعة لها بوقف تدفق اللاجئين من حروب الشرق الأوسط إلى أوروبا، وهو ما ينطوي على نحو متزايد على إطلاق نيران المدافع الرشاشة على اللاجئين قرب الحدود، وهي خدمة تقدمها تركيا وتدفع لها الملايين من عملة اليورو كتعويض مباشر.

وأتهم الكاتب تركيا أيضا بدعم الارهاب، مستنكرا قيام الصحافة الغربية بوصفها بأنها أحد أعداء داعش، بقوله: "ولأن تركيا هي الناتو التي تشعر الصحافة الغربية بأنها مضطرة للعب جنباً إلى جنب مع تمثيلية أنها عدو لداعش، على الرغم من الأدلة التي لا تنتهي على التعاون التركي النشط مع داعش، والحقيقة المعروفة لدى الجميع في المنطقة، أن الهجمات التي كانت تشنها تركيا ضد "داعش" في سوريا تتضمن إلى حد كبير رشاوى لقادة "داعش" لتبديل المواقف".

وأختتم العالم الأمريكي مقاله بالقول: "في الوقت الراهن، نحن بحاجة إلى استجابة عاجلة للمخاطر التي يواجهها الكرد في روج آفا.. حيث يزداد الوضع خطورة يوما بعد يوم، ومن المحتمل جدا أن يقوم الناتو قريبا بواحدة من أسوأ مذابح الإبادة الجماعية في القرن الواحد والعشرين".