صحيفة: تركيا لم يعد لها أهميتها في حلف الناتو

قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن تركيا لم تعد لها الأهمية التي كانت لها منذ 67 عامًا بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا، في إشارة إلى حقبة الحرب الباردة.

وقال مقال للدبلوماسي تسفي مزئيل أن تصميم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على شراء نظام الصاروخي الروسي S-400 على الرغم من المعارضة الأمريكية والتعليق اللاحق لمشاركة تركيا في برنامج إنتاج الطائرة F-35 المقاتلة، لم يوجه فقط ضربة قوية للعلاقات بين البلدين، بل أثار التساؤلات حول مسألة عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي، مما جعل الدول الأعضاء تتساءل عما إذا كانت تركيا لا تزال جزء من المنظمة أم في طريقها للخروج.

أحد أسباب تراجع أهمية تركيا في الناتوة إن الناتو ليس مجرد تحالف عسكري، حيث أكد الموقعون على المعاهدة "أنهم مصممون على حماية حرية شعبهم وتراثهم وحضارتهم القائمة على مبادئ الديمقراطية والحرية الفردية وسيادة القانون".

وظهرت بذور الخلاف مع تركيا مبكرا، ففي عام 1974، عندما احتلت تركيا شمال قبرص ، التي يقطنها عدد كبير من السكان الأتراك، نفي قسريًا 180،000 مواطنا من أصل يوناني. وهي خطوة أدانها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وطالب بالانسحاب الفوري "للقوات الأجنبية"، بينما اتهمت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان أنقرة بانتهاك ميثاق حقوق الإنسان الأوروبي.

وفرضت واشنطن حظراً على الأسلحة على زميلتها في الناتو، وهو موقف محرج بالنسبة للتحالف العسكري. ورفع الحظر بعد ثلاث سنوات في عهد الرئيس جيمي كارتر. في عام 1983، أعلنت الحكومة التركية في شمال قبرص استقلال "جمهورية شمال قبرص التركية". وعلى الرغم من أن تركيا تصرفت في انتهاك لميثاق حلف شمال الأطلسي، الذي ينص على أن "تتعهد الأطراف، على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة الأمم، بتسوية أي نزاع دولي قد يكونون متورطين فيه بالوسائل السلمية ... والامتناع في علاقاتهم الدولية عن التهديد بالقوة أو استخدامها"، فقد ظل الجيش التركي هناك.

واعتبر المقال ان مسألة قبرص لا تزال تشهد غليانا، وخاصة بعد اكتشاف حقول الغاز الكبيرة في مياهها الاقتصادية، حيث طالبت أنقرة بتقاسم إيراداتها مع شمال قبرص، وأرسلت في عام 2018 سفن استكشاف الغاز إلى المياه الإقليمية لقبرص، وهي عضو في أوروبا الاتحاد منذ عام 2004، مشيرا الى ان هذه القضية الشائكة يمكن أن تؤدي إلى أزمة دولية وكثفت بالفعل التوترات الإقليمية.

وأكد المقال أن فوز حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان في عام 2002 كان لحظة فاصلة في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، وسرعان ما ظهر تضارب المصالح.

ونما الشقاق بين الطرفين عندما شدد أردوغان قبضته على تركيا، وبعد أن طالبت تركيا بتسليم فتح الله غولن، خصم أردوغان الذي يعيش في الولايات المتحدة، على خلفية "محاولة الانقلاب الفاشل" كما رفضت الولايات المتحدة تسليمه، لعدم تقديم أردوغان أي دليل على مزاعمه.

وتم اعتماد نظام رئاسي في عام 2017، تبع علنًا أجندة قائمة على "عظمة الإمبراطورية العثمانية" وعلى العقيدة المتطرفة للإخوان المسلمين، وهذه الأجندة التي أطلق عليها اسم "العثمانية الجديدة"، وهي مزيج من العناصر الدينية والقومية، التي دفعت الرئيس إلى الشروع في سياسة خارجية عدوانية لتأكيد الهيمنة التركية في الشرق الأوسط، وهذه السياسة فشلت بشكل مخيف. وباتت قطر فقط، التي تدعم جماعة الإخوان، لا تزال على علاقات ودية معه. أما المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في الخليج، وكذلك العراق، لا يثقون به، وترى سوريا أنه عدو. وقطعت العلاقات بين تركيا ومصر بعد الإطاحة بالرئيس المنتمي لجماعة الإخوان محمد مرسي.

اتسع الصدع مع أمريكا بدرجة أكبر مع اندلاع الحرب في سوريا في عام 2011. وبينما أنشأ الرئيس باراك أوباما تحالفًا لمحاربة داعش، سمح أردوغان لآلاف الشباب بالمرور عبر بلاده للانضمام إلى داعش ، وتمكّنوا شراء النفط الخام من داعش. واعتبر المقال ان أردوغان أراد مساعدة داعش في تأسيس كيان صديق لتركيا، لكن سرعان ما هزمت قوات سوريا الديمقراطية داعش بمساعدة أمريكية في شمال شرق سوريا وعلى طول الحدود التركية.

وأشار المقال الى انه بعد حدوث المواجهة ثم المصالحة مع روسيا، قرر أردوغان مواصلة استهداف الكرد، حيث احتلت القوات التركية بمساعدة الميليشيات الموالية لتركيا على عفرين، وهي منطقة كردية شاسعة بالقرب من الحدود، بعد خروج القوات الروسية.

أصبحت العلاقات الامريكية التركية في مأزق، حيث ترى واشنطن أن صفقة إس-400 هي مظهر من مظاهر العداء من جانب دولة كانت تساعدها على مدار الـ 67 عامًا الماضية، وهو أمر يشبه عض اليد التي أطعمتك. ولم يترك الأمر أمام واشنطن أي خيار سوى إلغاء صفقة F35 المربحة. ولا يزال الرئيس دونالد ترامب في عجلة من أمره، لكن هناك دعوات في أمريكا لطرد تركيا من الناتو. ويرى المقال انه على الرغم من ان تركيا ليس عليها ان تنتظر الطرد من الناتو في المدى القصير، فإنه "حتى الآن ... سيكون على أردوغان أن يسير بحذر. في سوريا وقبرص، حيث قد تخرج الأحداث عن السيطرة، ولا تترك لترامب خيارًا سوى اتخاذ موقف متشدد".