رئيس مركز القاهرة للدراسات الكردية: "المؤامرة الدولية" دنيئة استهدفت إجهاض نهضة وثورة شعب مضطهد

قال رئيس مركز القاهرة للدراسات الكردية السيد عبدالفتاح ان "المؤامرة الدولية" كانت عملية دنيئة استهدفت إجهاض نهضة وثورة شعب مضطهد، وذلك في ذكرى مؤامرة تسليم المخابرات التركية القائد عبدالله أوجلان في كينيا.

السيد عبد الفتاح رئيس مركز القاهرة للدراسات الكردية

* هل المؤامرة الدولية التي أدت إلى اختطاف أوجلان يمكن أن تستند إلى أي أساس شرعي أو قانوني... ما توصيفكم لهذه العملية؟

ـ ليس هناك أفضل من التوصيف الذي أطلقته على هذه العملية في سؤالك، بالفعل هي مؤامرة دولية دنيئة كان تهدف إلى إجهاض نهضة وثورة شعب مضطهد، شعب يعاني المظالم والانتهاكات والمجازر وإنكار الوجود منذ قرون، وعندما ظهر من يقود عملية نهضة هذا الشعب ويشعل الثورة في نفوسه ويقود حركتهم النضالية والتحررية بمختلف الوسائل المتاحة وقتها والتي تكفل أن ينال هذا الشعب حقوقه المحروم منها، فإن أطرافًا دولية وإقليمية تعاونت وشاركت بكل دناءة وإنعدام للإنسانية في اعتقال هذا القائد الذي لم يفعل أكثر من أنه ألزم نفسه بالدفاع عن حقوق شعبه المهدورة، وبدلا من أن تقوم هذه القوى الدولية والإقليمية بما يجب عليها أن تؤديه من الناحية الإنسانية والأدبية وحتى القانونية، وبدلا من أن تطبق المواثيق والقواعد الدولية التي أرستها، فإنها ناقضت نفسها وانتهكت هذه المواثيق والقوانين الدولية، وتعاونت في تنفيذ هذه الجريمة ضد الإنسانية، فالمؤامرة ليست محصورة فقط في شخص عبد الله أوجلان، وإنما هي في الحقيقة موجهة نحو الشعب الكردي.

*ما هي أبرز الرؤى المطروحة حول تفسير المؤامرة الدولية التي أدت إلى اختطاف أوجلان،ولماذا تضافرت إرادة هذه الدول المشاركة في المؤامرة ؟

ـ هذه المؤامرة في رأيي هي أكبر دليل على الازدواجية التي تتعامل بها مثل هذه القوى التي تسمي نفسها كبرى، بينما الكبير هو بالتزامه بالقيم الإنسانية وأن يكون هو أول من يطبقها وليس أول وأكبر من ينتهكها. هذه الإزدواجية في المعايير فضحتها المؤامرة التي تشاركت تلك القوى الإقليمية والدولية لتنفيذها، والحقيقة أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال قبول أي تبرير يمكنه أن تسوقه تلك القوى كذبًا بأنها فعلت ذلك حفاظًا على أمنها القومي أو حرصًا على مصالحها ومصالح شعبها، فمثل هذه الأكاذيب والترهات لا تنطلي على أي ساذج، وإلا فما الخطر الذي كان يمثله عبد الله أوجلان على الدول التي تحالفت مع تركيا لإعتقال أوجلان، هل هدد أمنها القومي، أو عرّض شعوبها للمخاطر؟!! المصالح القذرة عديمة الإنسانية هي التي ساقت أنظمة تلك الدول وقتها للتورط في المؤامرة . فبعض هذه الأنظمة إما كان لديها علاقات مشبوهة أو صفقات قذرة مع النظام التركي، فاعتقدت أن الاشتراك في المؤامرة يضمن لها تلك الصفقات ويقوي العلاقات مع النظام التركي، وهناك بعض الأطراف المتورطة ربما كانت تنتظر من النظام التركي أي مكسب من المكاسب أو أرادت أن تقدم له "عربون محبة" فشاركته المؤامرة الدنيئة، وفي كل الأحوال فكل طرف "قبض" الثمن . وللأسف من دفع الثمن هو الزعيم أوجلان والشعب الكردي بأكمله.

*  كيف يمكن كسر العزلة المفروضة على القائد أوجلان في جزيرة إمرالي، وماذا يمكن أن يقدم العرب في هذا الصدد في ضوء العداء التركي لمصالح المنطقة وأمنها؟

ـ في رأيي أن الأوضاع الآن اختلفت كثيرًا عما كانت عليه وقت اعتقال عبد الله أوجلان، والمعادلات السياسية والتحالفات لم تعد كما كانت، فالعلاقات والتحالفات تغيرت، ولم تعد بالدفء الذي كانت عليه وقتها بين تركيا والولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل، علاوة على ما سبق فإن الأخطار التي شكلها بروز تنظيم داعش على البشرية والعالم كله وليس سوريا والمنطقة العربية، أثبتت لجميع القوى الدولية الوجه الحقيقي للشعب الكردي، فالكرد وحدهم هم الذين نجحوا في كسر شوكة داعش وهزيمته والقضاء عليه، ولا يزال المقاتلون الكرد هم رأس الحربة ويقودون الصفوف الأولى في المعارك العسكرية ضد داعش وإخوته، كما أن الكرد بما قدموه من تجربة سياسية للإدارة هم أكبر طرف يعمل للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وحماية شعوبها والحفاظ عليها، وترسيخ مبادئ وقيم التعايش السلمي والتشاركية بين مختلف الشعوب ، ولولا الكرد ما بقيت سوريا قائمة ولتفتت على أيدى تركيا والجماعات الإرهابية. وبالتالي فإن كل هذه الأمور تجعل المشهد الحالي مختلفًا عما قبل، وتجعل الأرضية ممدة والمسرح جاهزًا لتغيير المواقف بما يصب في صالح أوجلان وإطلاق سراحه، وهو مناخ ملائم لأية مبادرات دولية وعربية وكردية في هذا الصدد، على أن يتم الأمر وفق تحركات تتم في دوائر متعددة ومتضافرة، دوليًا وإقليميًا، دبلوماسيًا وإعلاميًا وحقوقيًا . وأعتقد أن الشعوب العربية مطلوب منها الكثير في خوض هذه المعركة، فهي معركة تتجاوز شخص أوجلان لتعيد ترسيخ وتأكيد أواصر الأخوة العربية الكردية.

* كيف ترى مقاومة البرلمانية ليلى كوفن لكسر العزلة عن القائد أوجلان.. وحملات الاضراب المفتوحة عن الطعام في السجون التركية؟

ـ لابد في البداية أن نحيي مقاومة البرلمانية ليلى كوفن ونضالها لكسر العزلة عن عبد الله أوجلان، معتمدة على ذاتها في هذه المعركة لتشكل مبادرتها بداية لحملات الإضراب المفتوحة عن الطعام في السجون التركية، وهي كفيلة بتحريك الرأي العام العالمي ولفت انتباهه إلى قضية إنسانية عليها أن تقوم بدورها تجاهها.

* كيف انقلب أردوغان ونظام حزب العدالة والتنمية الحاكم على مسار السلام مع الكرد؟

ـ وهل هذا جديد على أردوغان، فهذا الرجل طبعه الأساسي هو التآمر والدسائس وعدم الالتزام بالوعود أو التعهدات، وهو كذلك لا يعمل إلا لتحقيق مصالحه الشخصية وحدها. وكانت أكاذيبه قبل سنوات حول رغبته الأكيدة والصادقة لإحلال السلام مع الكرد، مجرد مرحلة في مخططه للسيطرة والهيمنة على السلطة في تركيا، فأراد في البداية أن "يجمد" أو يجنب إحدى أهم القضايا والمشكلات حتى يتفرغ لمعاركه الأخرى نحو مزيد من الهيمنة على مقاليد السلطة والأمور في تركيا، وبما أنه نجح في تحقيق مخططه فقد كان طبيعيًا أن يرتد إلى ما كان عليه وأن يتنصل من كل الوعود والتعهدات التي روّجها، ثم يشعل حربًا ضد الشعب الكردي، يستفيد منها في زيادة سيطرته على تركيا، ليشغل الأتراك عن ديكتاتوريته.

*كيف يمكن أن تساهم الأفكار الديمقراطية لأوجلان في إيجاد نموذج للتعايش في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط ؟

ـ أفكار عبد الله أوجلان هي في الحقيقة أفكار إنسانية عامة وشاملة، ولا تضيق على نفسها بالإنحباس في الأطر القومية، فهو وإن كان كرديًا إلا أنه إنسانًا في المقام الأول وأفكاره إنسانية شاملة لكل الشعوب والمجتمعات والقوميات، وأساس هذه الأفكار هو التعايش السلمي بين جميع هذه الشعوب، وهي الغاية الأسمى التي من أجلها خلقنا الله عزوجل. ولقد أثبتت هذه الأفكار صوابها وصلاحيتها على أرض الواقع بما شهدناه ونشهده في شمال وشرق سوريا من خلال تجربة الادارة الذاتية. وأثق أن هذه الأفكار والتجربة قادرة على النجاح في كل بلاد المنطقة والعالم كما نجحت في سوريا.