خبير مصري: هناك تنسيق إيراني- تركي لاستهداف الكرد.. وطهران تعاني من تقلص نفوذها

قال الخبير المصري في الشؤون الإيرانية الدكتور محمد عباس ناجي إن إيران لجأت لاستهداف الكرد كمحاولة لترويج نظرية المؤامرة التي يتعرض لها والرد على تراجع نفوذه والعقوبات الأمريكية.

أكد رئيس تحرير مجلة مختارات إيرانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية في حوار خاص مع وكالة فرات للأنباء ANF أن النظام الإيراني يخشى من أي تحرك مناوئ له من الداخل مع تضييق الخناق على نفوذه في المنطقة وفرض العقوبات عليه، فإلى نص الحوار..

- ما شكل العلاقة بين إيران والأكراد؟


هي علاقة ليست على مسافة واحدة، فالعلاقة مع أكراد إيران نفسهم متوترة بشكل كبير، ولكن الأمر يختلف مع أكراد العراق وعلاقة طهران بإقليم كردستان التي أبقت عليها الدولة الإيرانية خلال أحداث صعبة مثل الاستفتاء في الإقليم، ففي النهاية هي سياسات متعددة الأوجه وتتراوح العلاقة بشكل عام بين التوتر والتفاهم، أو بين الصراع المسلح وبين التنسيق والتفاهم السياسي والأمني.
أما الحال في المناطق الكردية في إيران فهناك سياسات تمييز وإقصاء تنموي وسياسي وثقافي، وتحرك قمعي تجاههم من السلطات الإيرانية وتهميش وعدم اهتمام بالبنية التحتية، وعمليات عسكرية، فاليوم هناك استهداف لحزبي الديمقراطي الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني أو بعبارة أخرى حزب العمال الكردستاني الذين قصفوه اليوم، فهو يتحرك بين الحدود بين إيران والعراق وينفذ عملياته ضد القوات الإيرانية، فهناك بطبيعة الحال تنسيق بين الجانبين الايراني والعراقي في هذا الامر.

وهناك علاقة مختلفة مع كرد العراق فإيران علاقاتها قوية مع حزب طالباني، وحريصين على وجود قنوات تواصل مشتركة مع الكرد في العراق، لتقريب وجهات النظر بين القوى الشيعية والسياسيين في كردستان العراق.

- كيف تنظرون إلى الهجوم الاخير بواسطة صواريخ الكاتيوشا وطائرة بدون طيار والذي استهداف مقرين لحزبين كرديين أدي إلى استشهاد عدد من القيادات؟


إجراء غير جديد، واعتاد عليه النظام الإيراني في مواجهاته مع الكرد في إيران، ولكن هناك رسائل جديدة في هذا الهجوم من النظام الإيراني الذي يحاول حالياً إظهار أنه ضحية ومستهدف وترويج نظرية المؤامرة بالتوازي مع العقوبات الأمريكية وسياسات كبح النفوذ الإيراني في المنطقة، فقيادات النظام الإيراني يرون أنه من الممكن أن يكون هناك دعم دولي لجماعات موجودة على الحدود لضرب النظام الإيراني من الداخل، حيث يحاول النظام في طهران تقليص فرصة وجود معارضة أو مجموعة مناوئة له داخل إيران، وعلى رأسهم بالطبع القومية الكردية التي تتعرض حاليا للتنكيل من قبل النظام المحاصر بالعقوبات والمشكلات الداخلية.


 -  كيف سيكون رد فعل الكرد على الهجوم الأخير وقرارات الإعدام بحق نشطاء كرد في إيران؟

دائما ما تكون هناك ضربات متبادلة، وردود فعل من الجانبين، وشد وجذب بين الطرفين، والعمليات لن تتقلص ولن تختفي في المدى القريب، بل ربما تتصاعد حدتها، فلكل فعل رد فعل بطبيعة الحال، والنظام الإيراني هاجم وقام بحملة ممنهجة.
-  بعد القمة الثلاثية الأخيرة في طهران بمشاركة أردوغان وروحاني.. هل يمكن أن يحدث تزايد في التنسيق الايراني التركي ضد الكرد؟
لا أستبعد وجود تنسيق إيراني تركي في استهداف الاكراد في المرحلة الراهنة، والتنسيق بين البلدين موجود في هذا الملف منذ سنوات عديدة، فكلا الدولتين الإقليميتين لهما اهتمام قوي بالمسألة الكردية، والدولتين علاقاتهما متوترة مع "أكرادهم"، ولكن علاقاتهم جيدة بكردستان العراق، وكان هناك دائما تنسيق بين الجانبين الإيراني والتركي حتى فيما يتعلق بالعلاقة بأكراد العراق، وكان هناك تنسيق عسكري عالٍ خلال استفتاء الإقليم، ولكن لا يمكن أن نقول أن هذا التنسيق وصل لمرحلة غير مسبوقة.
وأنا دائما اتحفظ على فكرة التحالف الإيراني التركي، فهناك خلافات دائما بين الطرفين، وفي القمة التي حدثت في طهران كان هناك خلاف حول إدلب، ولكنهما دائما يحاولان إيجاد نقاط تلاقي وتنسيق من بينها الملف الكردي.

- ما هي مظاهر تقلص نفوذ إيران الذي تحدثت عنه؟

الجميع أدرك دور إيران السلبي في الإقليم، وهناك تحركات مناوئة ضده حتى في مناطق نفوذها التقليدي ولعل أحداث البصرة خير شاهد على ذلك، فهناك استياء شعبي في العراق من النفوذ الإيراني، وحدث في البصرة اقتحام القنصلية الإيرانية ومكاتب الجهات الموالية لإيران سواء كانت ميليشيات أو أحزاب سياسية أو تشكيلات مسلحة، فأصبح نفوذ إيران الذي كونته خلال الـ15 سنة الماضية يهتز اليوم، والقوى الشيعية الموالية لإيران لم تحقق المراتب الأولى في الانتخابات، فتراجع نفوذها التقليدي في العراق، ولكنها تحاول الاحتفاظ به بأي وسيلة. 
وهناك تفاهمات روسية أمريكية يمكن أن تمثل تحدي لإيران، ويؤدي لإخراجها من سوريا، فهناك مشكلات تواجه النفوذ الأيراني، ورغم كل هذا لا يمكن القول أن نفوذ إيران إنتهى، بل يمكن أن تتوجه نحو إشعال الملفات الإقليمية لتعطي رسالة على أنها لن تغير سياساتها كما ترغب الولايات المتحدة، فتتدخل في اليمن وتعرقل الحل السياسي وتمنع الحوثيين من الذهاب الى جنيف، وتعرقل تشكيل الحكومة في العراق، وتعرقل تشكيلها أيضا في لبنان، وتلجأ إلى تأجيج الأزمات الاقليمية لمواجهة العقوبات التي فرضت عليها.