جميل باييك: لحظة السلام بين الكرد والدولة التركية.. دعونا لا نضيعها

في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، قال الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، جميل بايك، إن المنطقة اليوم تشهد وجود فرصة لتحقيق السلام بين الكرد والدولة التركية.

وافتتح القيادي في حزب العمال الكردستاني، جميل بايك، مقالته التي عنونت بـ "جميل باييك: لحظة السلام بين الكرد والدولة التركية.. دعونا لا نضيعها"، بسرد تاريخي للمجريات التاريخية التي شهدتها القضية الكردية خلال العقود الماضية.

وأكد بايك في مقالته على أن حزب العمال الكردستاني من جهته ملتزم بالتفاوض على حل سياسي للقضية الكردية في إطار حدود تركيا وذلك بالرغم من عدم جدية الدولة التركية بقيادة أردوغان خلال عملية السلام التي انتهت بقرار من أردوغان عام 2015.

وشدّدَ بايك على أن أوجلان هو المفاوض الرئيسي في أي عملية تفاوض مستقبلية وقال: " أوجلان هو مفاوضنا الرئيسي. نحن نتفق مع جميع النقاط التي أثارها في أحدث تصريحاته، ونشدد على أنه لضمان وقف دائم لإطلاق النار، فإن قدرة أوجلان على العمل والمساهمة بحرية أمر لا غنى عنه بالنسبة لنا. ولكي نكون أكثر دقة، يجب نقله من سجن إمرالي إلى منزل آمن."

 

نص المقالة:

جميل باييك: لحظة السلام بين الكرد والدولة التركية.. دعونا لا نضيعها

- جميل بايك الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK) وأحد مؤسسي حزب العمال الكردستاني (PKK).

نحن نعيش لحظة حرجة في الصراع بين الدولة التركية والشعب الكردي، ولدينا فرصة لتحويل نزاع طويل الأمد نحو حل دائم؛ إذا أهدرنا هذه الفرصة، فقد لا تأتي مرة أخرى لجيل آخر.

منذ تأسيس الجمهورية التركية في عام 1923، ناضل الكرد من أجل تحقيق الاعتراف الكامل كمواطنين، ولكنهم تعرضوا لعدد لا يحصى من أشكال التمييز والقمع.  بعد فشل جهودنا التي استغرقت أكثر من خمسة عقود لإحراز تقدم في تغيير في النظام السياسي، لم يبق أمامنا خيار سوى اللجوء إلى المقاومة المسلحة.  تأسس حزب العمال الكردستاني (PKK) عام 1٩٧٨م وبدأ بحرب الكريلا في عام 1984م، في الوقت الذي حاولت الدولة التركية استغلال القومية والإسلام السياسي لقمع نضالنا، كان حزبنا يطالب بالحرية لجميع الأعراق والأديان منذ البداية.

في عام 1999، قام عملاء أتراك بالقبض على زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في كينيا، في عملية دعمتها الولايات المتحدة، وقد حُكم عليه بالسجن مدى الحياة في جزيرة إمرالي، حيث يمكث في السجن الانفرادي منذ قرابة 20 عامًا.

تزامن اعتقال أوجلان مع صعود حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان إلى السلطة؛ حصل أردوغان وحزبه على تأييد شعبي مبكر من خلال التأكيد على الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة.  بعد بضع سنوات فقط، عندما سئل أردوغان عن المسألة الكردية، أجاب: "إذا لم تفكر فيها، فهي غير موجودة"

ومع ذلك فهي موجودة بالفعل إلى الآن، حتى اضطر أردوغان في النهاية إلى الاعتراف بها؛ لقد بذلنا جهوداً كبيرة للتفاوض بحسن نية مع الحكومة، بما في ذلك وقف إطلاق النار من كلا الطرفين، وفي كل مرة لم يستمر التزام الحزب الحاكم بالسلام، طالما ثبت تلائمه سياسياً.

ثم في عام 2012م، أعلن حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار الذي التزمنا به رغم العقبات الهائلة.  أطلق حزب العمال الكردستاني سراح جميع الجنود وضباط الشرطة الأتراك المحتجزين في الأسر، وبدأت قواتنا في الانسحاب التدريجي من تركيا من أجل فتح الطريق للمفاوضات.

في 28 فبراير 2015 وبعد عامين من المحادثات، توصل ممثلو الشعب الكردي والدولة التركية إلى اتفاق يعبر عن آمالنا المشتركة في السلام؛ ولكن أردوغان عندما وجد أن المحادثات لم تعد مفيدة لمستقبل حزبه الانتخابي، اختار الصراع مرة أخرى.

انتهت اللقاءات الدورية التي كانت تعقد بين ممثلي الدولة التركية وقائدنا أوجلان؛ واستؤنفت الحرب بقوة من جديد، دمرت الدبابات والطائرات المقاتلة 10 مدن كردية.  قتل الجيش التركي مئات المدنيين بوحشية بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، وكثيراً ما منعت قوات الأمن العائلات من استعادة جثث أقاربهم.

مرة أخرى، سعت الدولة إلى توجيه ضربة قاتلة للشعب الكردي.  إن الاستحواذ على السلطة من خلال التطرف الديني والعنصرية على حساب الديمقراطية والحياة المدنية، المتمثل في شكله الحالي بحزب العدالة والتنمية الحاكم لا يشكل خطراً على الكرد وحدهم بل على الشرق الأوسط والعالم بأسره.

يرى أردوغان الآن أن الثورة الديمقراطية للكرد في سوريا وهزيمة الدولة الإسلامية تشكل تهديدًا للسياسة الكردية للدولة التركية واستيلائه على السلطة.  منظومتنا تريد أن ترى تحرير جميع شعوب سوريا والتحول الديمقراطي الحقيقي للبلاد.  لقد طبق الكرد والعرب والآشوريون معاً في شمال شرق سوريا نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية الذي طوره أوجلان خلال سنوات سجنه.

لقد ارتكبنا أخطاءً في مواجهة هذه التحديات وكنا ساذجين باعتقادنا أن المسألة الكردية ستحل فقط من خلال الحوار مع حزب أردوغان.  في محاولة لحل صراع شديد التعقيد ومرتبط بتحديات أخرى، كان ينبغي لنا أن نبذل جهوداً أكبر ونوسع دائرة التحالفات لتشمل جميع القوى الديمقراطية في تركيا؛ وعلى نفس المنوال كان يجب علينا حشد القوى المؤيدة للديمقراطية في الشرق الأوسط وحول العالم للمساهمة في تحقيق التحول الديمقراطي في تركيا وحل القضية الكردية.

وإن كان هناك أي غموض في هذه النتيجة: نعلن مرة أخرى أننا ملتزمون بالتفاوض على حل سياسي للقضية الكردية داخل حدود تركيا.

سنكرر ما قلناه سابقاً: أوجلان هو مفاوضنا الرئيسي ونحن نتفق مع جميع النقاط في لقاء أوجلان الأخير ونقرر أنه لضمان وقف دائم لإطلاق النار، إن جهود أوجلان في العمل والمساهمة بحرية أمر لا غنى عنه بالنسبة لنا؛ ولكي نكون أكثر دقة، يجب نقله من سجن إمرالي إلى منزل آمن.

إن مصلحة العالم تكمن في دعم أهدافنا، الأزمة الحالية في تركيا هي في الأساس أزمة سياسية؛ إنها أزمة ناجمة عن إفلاس السياسة الكردية للجمهورية التركية منذ قرن من الزمان، وهي مشكلة تكمن في جوهر التحديات الداخلية والإقليمية والعالمية الحالية لتركيا.

في هذا الصدد، تحتاج تركيا بشدة إلى فهم جديد لمفهوم "الأمة" التي تتسع للهويات العرقية والثقافية المختلفة.  يجب أن ينعكس هذا النهج من خلال نظام إداري جديد يعكس التنوع التاريخي في منطقتنا، وذلك بتحريره من قبضة أنقرة المركزية.

فمن خلال حل المسألة الكردية، يمكن لتركيا أن تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الديمقراطية والاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، ولكن الدولة التركية لا زالت ترفض القيام بذلك؛ ومن الناحية الأخرى نواصل سعينا لإضفاء الطابع الديمقراطي على الشرق الأوسط من خلال إضفاء تحقيق التحول الديمقراطي في تركيا.