باحث مصري: الكرد حائط الصد أمام مطامع تركيا والهدف الأول لأردوغان هو كسر شوكتهم

قال الباحث السياسي المصري والخبير في الشؤون الاستراتيجية بالشرق الأوسط فادي عيد ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يسعى خلال ولايته الثانية لتحقيق عدد من اطماعه التوسعية.

واعتبر فادي عيد ان الكرد هم الحاجز الأساسي أمام أطماعه حاليا، وخلال مقابلة لوكالة "فرات نيوز"، مع "عيد" أوضح ان هناك العديد من الكوابح أمام خطط اردوغان التوسعية لاحتلال وعلى رأسها مواقف الدول المؤيدة لحقوق الكرد.. فإلى نص الحوار:

بدأ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ولايته الرئاسية الجديدة بصلاحيات معززة حولت شكل النظام السياسي في الجمهورية التركية من النظام البرلماني كما عهدناها منذ نشأتها الى الرئاسي وبصلاحيات كبيرة، فكيف ترى تداعيات هذا التحول؟

النظام التركي لم يتحول بعد انتخابات 24 يونيو/حزيران مؤخرا، ولكن تحول قبل ذلك منذ الانتخابات الماضية عام 2014، التي رأيت فيها تحول من نظام برلماني يعتمد بالأساس على يصدر عن البرلمان التركي من تشريعات وقرارات وتصديق على اتفاقيات، الى نظام رئاسي يستطيع من خلاله اردوغان اتخاذ اي قرار منفرد، وبعد الانتخابات الاخيرة التحول ليس في شكل النظام ولكن تحول من الدولة الاتاتوركية الى الدولة الاردوغانية، أو دولة حزب العدالة والتنمية AKP، حيث اصبحت كل مؤسسات الدولة مختزلة ومختصرة في شخص رجب طيب اردوغان، وتستطيع القول انه حاليا في ظل تداعيات الانتخابات المبكرة التي اجراها اردوغان لا توجد اية قوى معارضة تستطيع ان تنتقده في اي شيء، هناك 3 صحف رأيناها تغلق قبل يومين ومن بينهم الوطن الكردية، وآلاف الموظفين في الشركة والقضاء والجامعات التركية تم اعتقالهم وايقافهم عن العمل، اذاً لا يوجد رأي معارض لأردوغان ودولة الشخص الواحد أو الأوحد.

 

ماذا عن التداعيات على المستوى الخارجي: كيف سيؤدي ذلك الى مزيد من استخدام تركيا لكل القوى الخشنة والتدخل العسكري واحتلال اراضي الغير؟

هذا السؤال هو ما يفسر لنا بالأساس لماذا قام اردوغان بإجراء انتخابات مبكرة، لماذا انتقص عام ونصف من فترته الرئاسية، فهو يمهد لاتخاذ قرارات خطيرة على المستوى الخارجي والداخلي ايضا ويريد ان يقول ان هذه ليست قراراتي بل قرارات الشعب الذي انتخبني للتو، فهو يحاول تصفية ما تبقى من المعارضة، ومواجهة الكرد داخليا وخارجيا، متجاهلا حقوقهم التاريخية. اردوغان مقبل على معركته في العراق وما بعد بعشيقة، وكذلك في الاراضي الكردية شمال سوريا، وما بعد الباب ومنبج، فهو يضع عينه الان على قنديل، وهدفه الاوحد كسر شوكة الكرد، فعلى الرغم من انه يواجه تحديات كثيرة، الا ان هذه التحديات جميعها تبدو هينة اذا كسر هذه الشوكة، فمشاكله مع قبرص وملف الغاز في شرق البحر المتوسط ومشاكله في بحر ايجه، ومشكلاته مع الامارات ومصر وليبيا، كلها تهون وتحتل الاولوية الثانية او الثالثة او الرابعة، ولكن هدفه الاول كسر شوكة الكرد في الشمال السوري، ولو تمكن من ذلك سيحول الشمال السوري الى لواء اسكندرونة جديد.

 

هل يعني ذلك ان الكرد هم حائط الصد أمام اطماع أردوغان في المنطقة؟

بالتأكيد هم كذلك، حائط الصد الأول والحاجز أمام اطماعه، بعد ما تعرض له الجيش السوري من حرب كونية أدت لتقهقره، فأردوغان يسعى لوضع حدود الدولة العثمانية الجديدة، سواء على حساب الكرد او غيرهم من الشعوب التي ذاقت الاضطهاد على يده.

ما هي تفاصيل هذه المطامع لإنشاء الدولة الجديدة؟

في 2004 كان هناك مبادرة تناقش في حلف الاطلسي حول دور تركيا في الشرق الاوسط الجديد، اقترحت الدور المستقبلي لديار بكر وكيف ستصبح نجم الشرق الاوسط الجديد، حسبما وصفها اردوغان في هذا الوقت، ولكن هذا المشروع تم اسقاطه بعد ازاحة الاخوان في 2013، وتراجعهم وانهيارهم في شمال افريقيا، فأصبح المشروع حاليا في الساحة السورية العراقية، ولكن لوجود اكثر من طرف دولي مثل روسيا وفرنسا والمانيا واسرائيل وغيرهم، اصبح بإمكان اردوغان فقط حاليا ان يقتطع اجزاء من حدود سوريا والعراق او يضع فيها "مسمارا" له يثبت به وجوده ويقضي على حلم الكرد بإدارة مناطقهم بصورة ذاتية.

كيف تصفون ما حدث من تركيا في شمال سوريا؟

نحن أمام اقتطاع لواء اسكندرونة جديد، نحن امام استعمار، نحن أمام احتلال تركي جديد بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

كيف توصل اردوغان الى تفاهمات مع القوى الكبرى لشن هذا الاحتلال؟

منذ 2004 بعد الغزو الامريكي للعراق وهو بهلوان يلعب على كل الحبال، وينقلب من نقطة لاخرى دون أي حساب لسرعة هذه القفزات، وهو لا يقوم بأي تحرك الا بموافقة الامريكان، ولكن حاليا منذ محاولة انقلاب 2016 توجه الى روسيا، واصبح يلعب على الوجهين.

وما هي دوافع تحركه للاحتلال؟

هو مدفوع بمعتقداته ودوافع شخصية حول احياء العثمانية والسيطرة على كل عربي ومسلم وجميع شعوب هذه المنطقة، وكذلك عندما تقرأ لأحمد داوود أوغلو فيلسوف نظام اردوغان كتابه العمق الاستراتيجي، فهو يعيد نفس توسعات الامبراطورية العثمانية ولكن على نسخة اكثر حداثة، من اجل ايجاد دولة قائد للعالم الاسلامي يحقق مصالح قوى دولية، لأنه مثل الماريونت يتحرك وفقا لمصالح القوى الكبرى، وبعد تقلباته اصبحت علاقاته مضطربة بالولايات المتحدة واوروبا.

ما هي اهدافه المرحلية لتحقيق غرضه التوسعي؟

اقامة منطقة عازلة على حدود تركيا تمنع التواصل بين اراضي الكرد، هذا هو هدفه الرئيسي، ولكن هناك العديد من الكوابح التي يمكن ان تعطله، وخاصة الاوضاع الاقتصادية الداخلية التي تحتاج الى تجديد والتعامل مع مشكلات عديدة، فالاقتصاد هو ما سيجعله يفكر اكثر من مرة، وهناك العديد من القوى المتحالفة مع الكرد، ولكن يستطع اردوغان المغامرة بعداوتهم جميعا، فهو يريد ان يذهب الى كل مكان به كرد ولكنه لن يتمكن من ذلك.