الكومون في فكر القائد عبد الله أوجلان.. كيف أصبح الوحدة الأساسية لبناء مجتمع "الأمة الديمقراطية"

"لا فرادانية لمن لا كومونة له" بتلك الكلمات الخالدة أوضح القائد أوجلان أهمية الكومون ودوره في تنظيم المجتمع، والذي أصبح واقع معاش في تجربة الإدارة الذاتية.

تعتبر الأمة الديمقراطية هي أهم الثمار التي أبدعها فكر القائد عبد الله أوجلان، ويعد الكومون هو الوحدة الصغيرة التي يقوم عليها نظام الإدارة وتنظيم المجتمع سياسياً واجتماعياً في فكر الأمة الديمقراطية من منظور أوجلان، والذي نفذ في منطقة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وشكل اللبنة الأساسية لتنظيم المجتمع هناك بكافة مكوناته.

لا يتوفر وصف.

بينت ليلى موسى، ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر، أنه يتألف الهيكل التنظيمي من تسلسل هرمي، يبدأ من القاعدة إلى أعلى الهرم، بدءاً من الكومين، ومن ثم مجلس البلدة، ويليه مجلس الناحية، وأخيراً بمجلس المقاطعة، مشيرة إلى أن للكومين أهمية قصوى لدى الإدارة الذاتية لكونه حجر الأساس في ترسيخ مشروع الأمة الديمقراطية التي تتباها في إدارة مناطقها.

وأكدت ليلى موسى في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه للتعرف على الكومين (الكومونة) لابد من العودة إلى مفهومها لدى القائد عبد الله أوجلان، حيث يرى أن هناك علاقة جدلية ما بين وجود الكومونة والحرية والديمقراطية، وأنه بقدر ما يكون الفرد كومونالياً (تشاركياً) في منظومة الأمة الديمقراطية يكون حراً، فالكومونة الحرة والديمقراطية هي المدرسة الأولى التي ينشأ فيها فرد الأمة الديمقراطية.

وأوضحت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر، أن أوجلان له قولاً خالداً وهو "لا فردانية لمن لا كومونة له"، والكومونة من وجهة نظره متعددة الأبعاد وتسري على كافة مناحي الحياة الاجتماعية، بإمكان الفرد العيش في أكثر من كومونة ولكن من المهم معرفة الفرد كيف يعيش داخل الكومونة بما ينسجم مع مهاراته وكدحه واختلافاته، كما يتطلب من الفرد أن يتحلى بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الكومونة، بالمقابل تؤمن الكومونة لأفرادها الحماية، وتؤمن احتياجاتهم. ويركز القائد أوجلان على مبدأ المسؤولية الأخلاقية لأنه يرى فيه الأصل والمبدأ الأولي في تكوين المجتمع البشري.

وبينت ليلى، أنه يتجلى الطابع الديمقراطي للكومونة من خلال تأمين الحرية الجماعية، وحينها يتحقق معها الطابع السياسي. والكومونة التي تخلو من السياسة لا يمكن أن تكون حرة. وعليه، يخلص إلى النتيجة التالية: ثمة تكافؤ متين بين الطابع الديمقراطي والطابع السياسي وطابع الحرية.

ويتخذ الكومونة لدى الإدارة الذاتية شكل التنظيم القاعدي الأساسي للديمقراطية المباشرة. وهي جهاز صنع القرار، والإدارة ضمن مجالها الإداري والتنظيمي، ويعمل الكومين كمجلس قائم بذاته في كافة مراحل صنع القرار، بحسب ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر.

وأردفت ليلى موسى، أنه يعمل الكومين على ترسيخ قيم الديمقراطية، وتعزيز مشاركة المرأة في المجتمع وتمكينها اقتصادياً، وتحقيق المساواة بين جميع مكونات المجتمع بدون تمييز، كذلك يعمل على بناء الجمعيات التعاونية التي تسهم في تطوير الاقتصاد وتحسين الظروف المعيشية لأفراد المجتمع.

وأشارت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر، أنه ليتمكن الكومين من تنظيم المجتمع يتشكل في كل كومين عدة لجان تقوم بالعمل الذي تقوم به هيئات المجلس التنفيذي، وهي المرأة، الشبيبة، الصلح الاجتماعي، التدريب والتعليم، الصحة، حماية المجتمع، الشؤون الاجتماعية وشؤون الشهداء، البلديات، الاقتصاد الاجتماعي، (الحماية الجوهرية)، الثقافة والفن.

لا يتوفر وصف.

بينما تطرقت د. فرناز عطية الباحثة في الشؤون السياسية والإقليمية، أن الكومونات والمجالس والأكاديميات والتعاونيات، هي الساحات الأساسية للتنظيم المجتمعي لمؤتمر ستار أي لتنظيم المرأة، حيث يتم تأسيس اللجان ضمن الكومونات والمجالس لتنظيم جميع مجالات الحياة الاجتماعية لكل لجنة نظام داخلي تؤدي عملها وفقه.

وأكدت فرناز في كتابها "القائد عبد الله أوجلان مسيرة نضالية تحدت الصعاب وإبداع فكري تخطى الجدران"، أن الكومونات هي شكل التنظيم القاعدي الأساسي للديمقراطية المباشرة، وهيئة صنع القرار ضمن وحدات عمل ونشاط القرى والأحياء في المجتمع الأخلاقي والسياسي، فكل عضو في مؤتمر ستار تأخذ مكانها وتمثل نفسها في كومونة واحدة على الأقل، وجميع أعضاء المؤسسات والمنظمات هم أعضاء الكومونات في المناطق التي يتواجدون فيها.  

وأضافت الباحثة في الشؤون السياسية والإقليمية، أنه تبدو العصرانية الديمقراطية هي المسار الذي يقود البشرية نحو إطار أفضل من التعايش، ذلك أن القائد عبد الله أوجلان يعتقد بأن العصرانية الديمقراطية بمصطلحها في الأمة الديمقراطية غير الهادفة إلى الدولة القومية أو إلى احتكار السلطة، ونظريتها في الكومونالية المجتمعية البديلة الرأسمالية، إنما تبسط نموذجاً مثالياً سيخرج المنطقة من كونها ميدانا للحروب الدموية والمجازر و الإبادات العرقية والأزمة الدائمة والفوضى العارمة.